بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 22 فبراير 2012

tunisieالصيد العشوائي ظاهرة تتفاقم... وتهدّد الثورة السمكية





اصدرت وزارة الفلاحة يوم 10 فيفري الجاري بلاغا موجها الى البحّارة دعت فيه الى ممارسة نشاط الصيد البحري في كنف احترام القوانين المنظمة للقطاع.


وحذرت الوزارة من جهة اخرى ان مخالفة التراتيب الجاري بها العمل كممارسة الصيد العشوائي تعرض مرتكبيها الى العقوبات التي ينص عليها التشريع بما في ذلك حجز المنتوج وسحب رخصةالصيد وتوقيف المراكب او مصادرتها عند الاقتضاء .


ومتابعة لهذا الموضوع التقت «الصحافة» بالسيد نوفل حداد كاهية مدير حماية الثروة السمكية بالادارة العامة للصيد البحري بوزارة الفلاحة الذي ابرز ان ظاهرة الصيد العشوائي تفاقمت بعد احداث ثورة 14 جانفي وأضحت تهدد مواطن شغل صغار البحارة.


وقال ان تواجد مراكب الصيد الكبيرة بالاعماق القصيرة لخليج قابس والمخصصة لصغار البحارة تكاد تتحول الى ظاهرة عادية لكثرة المخالفات على مرأى ومسمع كل الاطراف الساهرة على مراقبة الموانئ ومنها الاعوان التابعون لوزارة الفلاحة وعددهم 100 عون وأعوان الحرس والجيش البحري.


وما يلفت الانتباه هو التأكيد على ان هذه الظاهرة قد تفاقمت على الرغم من عدم تسجيل اي مخالفة في هذا الصدد سنة 2011 لدى الادارة وهو ما قد يطرح عدة اسئلة حول مدى التقصير الحاصل سواء من قبل الادارة أو من الاعوان المكلفين بالمراقبة في التعامل الحازم مع المخالفين.


وما زاد الطين بلة هو ان الظاهرة لم تعد مقتصرة على خليج قابس فحسب بل بدأت في التفشي نحو الشمال ومنه الى بعض الموانئ بجهة الساحل.


وفسر كاهية مدير حماية الثروة السمكية تفشي هذه الظاهرة بعدم احترام البحارة لقوانين الصيد البحر وقلة تشريكهم في البرامج والاجراءات المتخذة لحماية الثروة السمكية فضلا عن قلة المشاركة في اتخاذ القرارات والتمثيلية الضعيفة لجميع فئات البحارة وهو ما يجعل عملية تطبيق هذه القوانين من طرف البحارة صعبة على اعتبار انهم لم يشاركوا في صغايتها وكأنها فرضت عليهم غصبا .


أضرار فادحة


ويمثل نشاط الصيد التقليدي باستعمال وسائل صيد غير ضارة نسبة 90 ٪ من جملة وحدات الصيد التونسية غير ان الوحدات الصناعية الكبيرة وحسب ما اكده السيد نوفل حداد وعلى الرغم من عددها الضئيل والذي يتجاوز الألف مركب من إجمالي 11 ألف مركب الاّ أنّ الأضرار التي تتسبب فيها كبيرة، فللحصول على بعض الكيلوغرامات من جراد البحر تتلف هذه الوحدات الصناعية مئات الكيلوغرامات من صغار الأسماك.


علاوة على ما تلحقه معدات صيدهم من أضرار بالأعشاب البحرية ومفارخ الأسماك.


وفي استقصاء أجرته الإدارة العامة للصيد البحري بيّن أنّ قرابة ٪60 من المراكب المجهزة بمحركات تخالف القوانين الجاري بها وعلى الرغم من الإجراءات الردعية والتي يقع تطبيقها على اثر معاينة المخالفين الاّ أنّ كل هذا لم يساهم في الحدّ من تفاقم هذه الظاهرة والذي مردّه حسب ما أكّده كاهية مدير حماية الثروة السمكية قلة الصرامة في تتبع المخالفين وإلاّ ما معنى غياب احصائيات في عدد المخالفات خلال سنة 2011 على الرغم من التأكيد على تفاقم ظاهرة الصيد العشوائي؟


كثرة الدخلاء... وغياب التأطير


ولأنّ الصيد البحري يمثّل ثروة سمكية متجدّدة خلافا للثروات الاخرى ولكي يتم حمايتها وضمان تجدّدها يجب أن يكون الصيد ملائما.


ولضمان نجاح هذه الأهداف أكّد السيد نوفل حداد على ضرورة تأطير البحارة والذي يبلغ عددهم حوالي 55 ألف بحار في كامل موانئ الجمهورية في ظل غياب كلي لهذا العنصر علاوة على كثرة الدخلاء على هذا النشاط فهو أيسر طريق لضمان لقمة العيش للعاطلين عن العمل.


ويطرح هذا العنصر إشكالا على اعتبار عدم اخضاع هؤلاء الدخلاء الى عمليات التأهيل تسمح لهم بممارسة نشاط الصيد البحري بطريقة تحفظ تجدد الثروة على غرار ماهو معمول به في بعض الدول والتي تشترطها منظمة الأغذية والزراعة لمباشرة هذا النشاط.


وربما لا تقف مشاكل قطاع الصيد البحري عند هذا الحد فحسب بل إن عملية اسناد البطاقة المهنية تطرح هي الأخرى اشكالا ذلك أن عملية اسنادها لا تتطلب سوى تقديم ملف إلى دوائر الصيد البحري وصفه محدثنا بـ «العادي» يتضمن شهادة عدم شغل وهي شهادة بسيطة يمكن لأي كان الحصول عليها.


وعلى الرغم من احداث مراكز الصيد البحري وعددها سبعة حاليا تقوم بعملية التأهيل لقيادة المراكب إلا أن خريجي هذه المراكز يواجهون صعوبات جمة في الاندماج في سوق الشغل لقلة مردودية القطاع من جهة والعمل باسناد تراخيص استثنائية للبحارة تسمح لهم بقيادة الركب من جهة أخرى وهو ما يعيق عملية انتداب الخريجين.


ويبقى السؤال مطروحا لماذا تبعث الدولة مثل هذه المراكز إذا كان القطاع لا يسعهم?


دراسة استشرافية... ولكن!


وأكدت وزارة الفلاحة في بلاغها على أنها ستعمل على اعطاء قطاع الصيد البحري المكانة التي يستحقها ووعدت بفتح أهم الملفات العاجلة مع ممثلي المهنة والادارات المختصة لايجاد الحلول الحقيقية لمشاغلهم على غرار السلامة والنجدة والتغطية الاجتماعية والحراسة.


وفي هذا الصدد قال السيد نوفل حداد إن الادارة شرعت في تنفيذ دراسة استشرافية لوضع برامج للتنمية المستديمة لقطاع الصيد البحري وتعاضد هذه الدراسات الاجراءات المتخذة مسبقا ومنها ضبط مناطق صيد محجرة واقرار الراحة البيولوجية وتنظيم مواسم الصيد لبعض الأصناف البحرية.


إلا أن محدثنا يرى أنه من الضروري تفعيل القوانين والتعامل بالصرامة الكافية مع المخالفين والتعويل على مكونات المجتمع المدني على غرار الجمعيات بمبادرات لتأطير صغار البحارة وتنفيذ مشاريع تنموية لفائدتهم.


وتجدر الاشارة في هذا الصدد إلى الجمعية التونسية لتنمية الصيد البحري التقليدي التي بعثت في سبتمبر 2011 والتي ستعمل على بعث مشاريع تنموية لفائدة صغار البحارة بهدف الترفيع من دخلهم.


جيهان بن عزيزة